مقـالات

بحـوث ودراسات

عـلماء كـتب ومخطوطات 

عقـيدة و فـقـه

تاريخ وحـضارة

الصفحة الرئيسة
 

 

 

دعوة إلى التقارب ونبذ الخلافات

 

يغلب على ظن الكثير من الباحثين والدارسين للفكر الإسلامي أن الإباضية فرقة خارجية تفضل الانطواء والانغلاق حول نفسها وتؤثر العزلة على الاحتكاك بغيرها من الفرق، وقد وصف المؤخرون وكتاب المقالات أتباع الإباضية بأنهم أهل بدع وأهواء وضلال  ونعتوهم بالمروق والغلو والتعصب، ولا غرابة في ذلك لأمرين :

الأولى: اعتماد المؤلفين على مؤرخي الفرق وكتاب المقالات، الذين يكتبون ويؤرخون انطلاقاً من موقف مبدأي الدفاع عن كيان الدولة والتأييد الدائم للسلطة الحاكمة سواء أكانت أموية أو عباسية. ولهذا ينبغي على الكاتب أن يتصدى التيارات المعارضة لنظام الحكم القائم وعليه أن يثبت بأي طريقة أن الأقلية الخارجة عن السلطة هي كذلك خارجة عن الدين،  وحيث أن الإباضية تقرر أصولها السياسية بأن الخلافة منصب مشاع بين الناس حق لكل مسلم إذا توفرت فيه الأهلية والكفاءة أن يتولاه ، وهذا يعني : المعارضة الصريحة لنظام الحكم القائم على الوراثة ، ولأجل ذلك عاشت الإباضية حياة الاضطهاد في كثير من مراحل تاريخها مما اضطر أتباعها إلى الدخول في الكتمان وإخفاء أمرهم الى حين استجماع قوتهم مادياً وفكرياً ولعل هذا ما يفسره البعض بالانغلاق.

الثاني : عدم اطلاع الدارسين على تآليف الإباضية والرجوع الى مصادرهم والاكتفاء بتآليف  المخالفين . ولعل السبب في ذلك يعود إلي نقص المصادر الإباضية وان صح هذا فسببه الظروف الصعبة التي كان يعيشها الإباضية كما أشرنا .

ومهما يكن من أمر فإن الباحث لا ينكر ما لاقته الإباضية من اضطهاد من طرف الحكام أو ببغض وكره من طرف المذاهب الأخرى أو تحامل واتهام بالزيغ ونعت بالخروج عن الدين من طرف المؤرخين وكتاب المقالات ورغم ذلك كله يتقبل الإباضية ذلك بحسرة ولا يقابلون بالمثل إلا نادراً. في حالة الدفاع عن النفس إذا كان الأمر اقتتالاً أو دفاعاً عن الدين إذا بلغ الأمر انتهاكاً لأصل من أصوله، أو تعد لحد من حدود الله.

وفيما عدا ذلك فالتسامح والتجاوز عن الهفوات وكظم الغيظ من شيم الإباضية حرصاً على التآلف ولم الشمل ، أما الخلافات المذهبية فتراها الإباضية ناتجة عن الاجتهاد المشروع ومحاولة فهم الشرعية الإسلامية كتاب الله وسنة رسوله ، وهي المنبع الوحيد الذي تأخذ منه جميع الفرق. وانطلاقاً من هذا المفهوم يرى الإباضية والمعاصرون خاصة : أن عهد المذهبية قد ولى وزمان الصراعات بين الفرق الإسلامية قد فات أوانه. وأنه ينبغي الاعتراف "أن جميع الفرق والمذاهب الإسلامية تقف متساوية على صعيد واحد  ليس فيها فرقة أفضل من فرقة ولا مذهبا خير من مذهب".

 
 
 

 

Google

جميع الحقوق محفوظة لموقع الاستقامة ولأصحاب المقالات - الأمانة العلمية تقتضي ذكر المصدر عند نقل أي  معلومات من هذا الموقع